الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

الرئيسية احيانا تكون المغامرة احدى طرق النجاح

احيانا تكون المغامرة احدى طرق النجاح

 تصور  الشركة التالية، جاردن برجر، التي تخصصت في إعداد شطائر – ساندويتـشات –
برجر نباتي، مصنوع من حبوب الرز البني مع مزيج من البهارات والبيض للحفاظ علـى هيئته لتبدو مثل ساندويتشات البرجر المعتمدة على شرائح اللحم. أما عن العملاء، فهم نسبة لا بأس بها، فالنباتيون الذين لا يأكلون أي شيء دخل في تركيبه لحوم )أو بشكل أدق، كل ما تسبب عنه موت حيوان( إلى ازدياد.
 لكن لكي تحقق هذه الشركة معدل نمو كبير، لا يمكنها الاكتفاء بشريحة العملاء النبـاتيين
فقط، بل يجب عليها أن تبحث عن طريقة تستقطب بها بقية شرائح العملاء – خارج إطـار النباتيين، وأن تنافس عمالقة سلاسل محلات البرجر التقليدية. ليس هـذا فحـسب، بـل إن ميزانية التسويق لدى هذه الشركة صغيرة جدا )نحن هنا نتحدث وفق معـايير الـشركاتالامريكية – لذا لا تقارنها ببلادنا العربية.(
 كيف تقنع محبي أكل اللحوم بطلب برجر الارز بدلا منها؟ لفعل ذلك، قررت جاردن برجر
التسويق بكل اندفاع، بأن اشترت إعلانا تليفزيوني مدته 30 ثانية، ُيعرض مـرة واحـدة، ضمن سياق الحلقة الاخيرة من مسلسل تليفزيوني كوميدي شهير )ساينفيلد(، تحديدا التاسعة
مساء في يوم 14 مايو من عام .1998 كم تكلفة هذه الثواني الثلاثين؟ مليـون ونـصف دولار. كم بلغت عوائد الشركة في العام السابق للاعلان؟ 39 مليون دولار. كـم بلغـت ميزانية الدعاية والاعلان السنوية للشركة؟ 3.3 مليون دولار. الان، تخيل نفسك تعـرض هذه الفكرة على إدارة الشركة: يا شباب، أريد نصف الميزانية السنوية لانفقها على إعـلان
واحد فقط!
 كيف حسبتها شركة جاردن برجر؟ عبر هذا الاعلان الوحيد، أرادت الشركة ضرب سـربا
من العصافير بحجر واحد: أرادت الشركة القفز خارج سرب المطاعم النباتيـة، والتميـز عنها، والتركيز على أن ما تقدمه من طعام قليل الدهون وصحي أكثر ولذيذ الطعم. لتفعـل ذلك، كان عليها استغلال فرصة حدث جماهيري كبير، ورأت الشركة أن الحلقة الاخيـرة من مسلسل ساينفيلد هي الفرصة المناسبة. هذه الحلقات كانت من الشهرة بحيث وثق الجميع
أن أخيرتها ستجعل الكثير من المشاهدين يتابعونها.
 حين فعلت ذلك جاردن برجر، جلبت إليها ضجة إعلامية كبيرة، جعلت قرابة 400 محطة تليفزيون وراديو وصحيفة يتحدثون عن هذه الصغيرة التي غامرت بكل شيء في إعـلان واحد. هذه الضجة الاعلامية حققت نتائج قوية فاقت نتائج الاعلان ذاته. كـان الجمهـور يبحث عن شيء جديد، ولو فعلت كوكا كولا أو جنرال موتورز الامر ذاته لما تفاعل معها الجمهور فهذا هو المعتاد، لكن أن تغامر شركة مغمورة كل هذه المغامرة، فهذا ما يوافـق
طبيعة الشعب الامريكي المحب للمغامرة – أو بشكل أدق المقامرة.
 لكن ما جدوى الضجة الاعلامية إذا تأثر بها المشاهد وذهب للمحلات بحثـا عـن المنـتج
المعلن عنه فلم يجده؟ لتفادي ذلك، زادت الشركة من منتجاتها عبر إنتاج نكهـات جديـدة، وعبر إغراق قنوات التوزيع المعتادة لها بمنتجاتها، والتعاون مع كبار الموزعين والتجـار
من أجل توفير نكهاتها ومنتجاتها على رفوف العرض في المتاجر.
لكن كيف تقنع هؤلاء بإفساح مجال أكبر لمنتجاتك؟ بأن تخبرهم بأنك ستضع إعلانا ضـمن
الحلقة الختامية في واحدة من أشهر المسلسلات التليفزيونية الكوميدية الامريكية! لكن حتى مع كل هذا، فالناس عادتهم النسيان، ولذا كان لابد من ركوب الموجـة والاسـتمرار فـي الدعاية والاعلان، فإعلان واحد سيضعك في أذهان الناس، لكن لكي تبقى هنـاك، عليـك إتباعه بخطوات ودعايات أخرى. من أجل هذا، زادت الشركة ميزانية الدعاية السنوية من
3.3 مليون إلى 12 مليون، لكنها أنفقتها كلها خلال شهور ثلاثة.
 بمقدار %411، واسـتمرت فـي- الشهرية -
وكيف جاءت العواقب؟ زادت المبيعات
الزيادة لفترة طويلة، ففي ربع سنة بلغت المبيعات 33 مليون دولار، وهي مبيعات كانـت تحتاج سنة أو أطول لتتحقق، حتى بلغت المبيعات السنوية 71 مليـون دولار، كمـا زادت حصة الشركة من السوق كله من %34 إلى %56 ونتج عن هذه الدعايات أن زاد حجـم
سوق الاطعمة النباتية كله، حصلت الشركة على %78 من هذه الزيادة الكلية في السوق.
 في السنة التي سبقت هذه المغامرة التسويقية، كانت شركة جاردن برجر تحقـق خـسائر
مؤلمة تنبئ بقرب غلق أبوابها، لكن بعد هذه المغامرة، تحولت الشركة لترفل في الارباح. في عام 2002 تجاهلت جاردن برجر شركة منافسة لها، فكانت عاقبتها أنها كادت تفلـس
مرة أخرى في عام 2005 حتى اشترتها شركة كيلوج في .2006
لا تفهم ما سبق على أنه دعوة لان تضع البيض كله في سلة واحدة، لكن إذا وجدت فرصة نادرة سانحة، وكان بإمكانك استغلالها – فافعل ولا تتردد. كذلك، يجب أن تتأكـد أن كـل الظروف مواتية، فالاعلان وحده لم يحقق الاثر الكبير، بل اهتمام وسائل الدعاية والاعـلام
بهذه المغامرة، فلو كانت وسائل الدعاية والاعلام في بلدك لا تطبل سوى لمن يـدفع لهـا، فمثل هذه الطريقة لن تجدي… لكن ابق عيونك مفتوحة لاستغلال فرصة مثل هذه، حـدث
كبير سيجتمع له الناس كلهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.